- علاقة علم الاجتماع السياسي بكل من علم الاجتماع وعلم السياسة
- اعداد: ذ. نورالدين حجي
تعريف علم الاجتماع السياسي:
ومن الأشياء التي جعلت السياسة تصبح أمرا ملحا في كل شيء وفي كل مجال نجد الأسرة ووسائل الإعالم...إلخ. فبمجرد ما يقوم فرد بالإستماع إلى المذياع فهو يتجه نحو ما هو سياسي، وهكذا فرضت السياسة نفسها فيما هو علمي وتعليمي، و أصبحت بذلك محايثة للمجتمع؛ أي مطابقة له وملازمة للبناء الاجتماعي، حيث أصبحت من مساهمة كل فرد في موقعه، بينما كانت قديما بعيدة عن المجتمع والأفراد، وقد أصبحت السياسة الآن تهم الحاكمين والمحكومين.
دواعي اهتمام علم الاجتماع بدراسة النشاط السياسي:
وكل هذا يؤكد انتماء علم الاجتماع السياسي إلى علم الاجتماع أو أن الأول هو فرع من الثاني، أو نسق فرعي في إطار النسق الاجتماعي الشامل. وما يعزز ذلك أيضا تأكيد”لويس كوزر” أن “علم الاجتماع السياسي هو ذلك الفرع من علم الاجتماع الذي يهتم بالأسباب والنتائج لتوزيع القوة على نحو معين في نطاق الجماعات أو فيما بينها، ويهتم بالصراعات الاجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى التغير في توزيع القوة”. بالإضافة إلى تأكيد” غاستون بوتول” أن علم الاجتماع السياسي غصن تفرع من جذع علم الاجتماع العام، وهو ذلك الغصن الذي يحلل الأنظمة كما يحلل سائر الظواهر السياسية في علاقتهما بالظواهر الاجتماعية الأخرى.
هذا الفريق من العلماء يعتبر علم الاجتماع السياسي جزءا من علم الاجتماع، وبالتالي فإنه يتعامل مع الظاهرة السياسية باعتبارها ظاهرة اجتماعية فوقية أو إفرازا لبنية المجتمع وعلاقاته التعاونية الإندماجية والتنافسية، فيبحث في أسباب الصراعات الاجتماعية، وعلاقة البناء الاجتماعي بالقوة السياسية، كما يبحث أيضا في الفئات الاجتماعية، كالنخبة والإحزاب وجماعات الضغط وغيرها.
وما يعزز موقف هؤلاء الذين يعتبرون علم الاجتماع السياسي فرعا من علم الاجتماع، أن الأول ظهر الإهتمام بموضوعاته أول مرة على يد علماء الاجتماع.
الا أن ما يميز علم الاجتماع السياسي أنه يهتم بالأسباب الاجتماعية للتعددية السياسية وآثار التغير الاجتماعي على النظم السياسية، والبحث في مشروعية الأنظمة السياسية، ودور الرموز - دينية أو تاريخية - في حياة المجتمعات وتشكل نظمها السياسية، والخلفية الاجتماعية للسلوك الانتخابي...إلخ .
ومع ذلك لابد من الاشارة إلى استمرار التداخل بين العلمين في نظر بعض الباحثين، مثل”موريس دوفرجيه” الذي يرى أنه التعارض بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي ( نفس المفردات تقريبا، ونفس القضايا تقريبا للعلمين بالولايات المتحدة الأمريكية، أما بفرنسا، فإن تعبير”علم الاجتماع السياسي” يسجل قطيعة مع المناهج القانونية أو الفلسفية التي هيمنت طويلا على علم السياسة، و أداة تحليل بواسطة مناهج أكثر علمية. ورغم ذلك يؤكد ”موريس دوفرجيه” أن هذه الفوارق ليس لها أهمية علمية) وهذا الموقف من صعوبة الفصل بين العلمين، أكده أيضا كل من “بوتومور” و”مارسيل بريلو”.
ان عودتنا إلى تعاريف علم الاجتماع ونشأته تسعفنا في تأكيد هذا التداخل بين ما هو”سياسي” وما هو“اجتماعي”، حيث تبين لنا هذه التعاريف وسياق نشأة علم الاجتماع، أن الظاهرة السياسية هي بالأساس ظاهرة اجتماعية، بل يصعب الفصل بينهما الا لإعتبارات إجرائية بحثية محضة، كما أن ظهور علم الاجتماع قبل علم السياسة أو متزامنا معه يبين أن الشأن السياسي كان إلى وقت قريب يدرس في إطار علم الاجتماع، وعلم السياسة اليوم هو علم اجتماعي.