تعريف علم النفس:
علم النفس هو ذلك العلم الذي يحاول الكشف عن القوانين والمبادئ التي تفسر العالقات الوظيفية القائمة بين العوامل المتفاعلة والمتدخلة في أي موقف سلوكي في دلالته العامة، وهو في ذلك، مثل باقي العلوم، يهدف إلى فهم السلوك والتحكم فيه والتنبؤ به. ومن جهة أخرى يهدف إلى تطبيق المعرفة السيكولوجية على المشكلات الإنسانية لمحاولة حلها.ولما كانت المشكلات الإنسانية النفسية متعددة وذات أبعاد مختلفة، فإن ذلك سيؤدي إلى تطور علم النفس إلى فروع نظرية وعملية أو يتطور إلى ميادين متعددة؛ وكل ميدان يهتم أو يختص بدراسة جانب من الجوانب النفسية لدى الفرد. وهذا ما يذكرنا بمسألة التوافق حول تعريف موحد وشامل لعلم النفس.
إن تعريف علم النفس يضع إشكالية تعريف موحد ودقيق، حيث يختلف الباحثون في تحديد ماهيته، وإذا تتبعنا الرؤية القائلة بأن علم النفس هو الدراسة العلمية للسلوك فإن هذا الكلام يحتاج إلى تحديد دلالته المفاهيمية. وكتعريف عام نجد من يعرفه بأنه: "العلم الذي يدرس سلوك الإنسان وتوافقه مع بيئته، سواء كان هذا السلوك ظاهرا، أو مستترا في صورة أنشطة عقلية، أو مشاعر وانفعالات أو دافعيه"(عثمان حمود الخضر، 2012.)
يظهر من هذا التعريف أن علم النفس هو الدراسة لسلوك الأفراد داخل البيئية التي ينتمون لها، والتي يجب التوافق معها؛ أي تحقيق شرط التكيف الاجتماعي، كما أن دراسة هذا السلوك ليس بالضرورة أن يكون ظاهر فقد يتم ظهر على شكل انفعالات مثال أو قد تكون نشاطات مختلفة للفرد في بعدها الذهني أكثر من السلوكي.نشأة وتطور علم نفس النمو:
نشير في هذا الصدد إلى أن تطور علم نفس النمو كأحد ميادين علم النفس مرتبط بتطور علم النفس، وكما أشرنا سلفا فقد مر علم النفس قبل أن يكون علما من مراحل فكرية تميزت بالخيال والفكر قبل مرحلة العلم. لقد قدم أفلاطون في حديثه عن الإنسان مجموعة مبادئ حول النمو السليم عبر الاهتمام بتربية النفس العاقلة لصالح المجتمع، وهو الأمر نفسه، بل أكثر وزيادة عند المسلمين الذين اهتموا بالطفل منذ نشأته -الطفل يولد على الفطرة- كما دعوا إلى المصاحبة والتربية الحسنة، واهتموا بالنفس أكثر من أي وقت مضى ال سيما مع ابن سينا والغزالي.ونشير في هذا الصدد إلى مسألة النمو تعبر عنها الثقافة العربية في اللغة؛ حيث نجد لدى العرب أسماء عن كل مرحلة بالتدقيق، فعندهم الجنين ثم الوليد ثم الفطيم ثم الدارج ثم الخماسي ثم المثغور ثم المثغر ثم المترعرع الناشئ ثم البالغ ثم الراشد... وفي عصر الأنوار نجد كتاب "إميل" الذي تحدث فيه روسو عن نمو الطفل وكيف يجب التعامل معه أكبر دليل على أهمية الاهتمام بجانب النمو لدى الفرد في بعده الطبيعي والاجتماعي (الإنسان خير بطبعة)، وآخرون كثر تحدثوا عن كيفية تربية الطفل لنمو سليم أمثال: بستالوزي وفروبل وغيرهما.
وقد تطورت الأبحاث في هذا الصدد إلى ما يمكن وصفه بالبداية الفعلية لعلم النفس مع التأسيس التجريبي للعلم. وهكذا نجد أن مواضيع هذا العلم انتقلت من مرحلة الأفكار البدائية الأولى إلى مرحلة الفلسفة القديمة؛ فقد كان علم النفس في العصور القديمة معنيا بدراسة النفس أو الروح ومعرفة أصلها ومصيرها. ثم مرحلة التطور والاهتمام بالنفس عند المسلمين ، بعد زمن التقعيد العلمي فيما نسميه ب مرحلة العلم الحديث، حيث تطور الفكر والتجريب، وذلك بعد تأسيس أول مختبر لعلم النفس علم 1879 م على يد وليام فونت (هو طبيب ألماني وعالم نفسي)، وهنا انتقلنا إلى الدراسة المخبرية للجوانب النفسية.هكذا كانت البداية الرسمية إذن من دراسة موضوع الشعور في مقابل العقل كمفهوم فلسفي، كان ذلك مع فونت وتلامذته إلى وظيفته وليم جيمس إلى اللاشعور مع فرويد إلى السلوك مع واطسون أو الغرض منه مع ماجدوجال والنمو المعرفي مع بياجي ... إلخ. قبل أن نصل إلى ما يمكن تسميته اليوم بالثورة المعرفية والعصبية في علم النفس في العصر الحالي.